تغيير المناخ
2022-07-27 . الساعة 00:00 AM بتوقيت القــدس
واقع التغير المناخي في فلسطين
يهدف التقرير إلى عرض واقع التغير المناخي في الأراضي الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة كما يسرد الأسباب الرئيسية للتغير المناخي وأثار التغير المناخي المتوقعة على القطاعات المختلفة. تتوسط فلسطين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا وتقع ضمن إقليم مناخ البحر المتوسط في السهل الساحلي، وتمتاز بشتاء ماطر، وصيف دافئ وجاف. أما قطاع غزة فيقع ضمن منطقة انتقالية بين المناخ شبه الجاف الصحراوي ومناخ ساحل البحر المتوسط. ويتراوح معدل درجة الحرارة اليومي للقطاع ما بين 25 ْ م صيفاً و13 ْ م شتاءً، كما يبلغ معدل سقوط المطر السنوي 400 ملم (وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية وفا © 2022).
يعاني قطاع غزة من حصار مشدد مستمر منذ عام 2005 حيث أدى إلى تدهور الوضع الإنساني وتردي الخدمات الأساسية ويحد من قدرة المؤسسات الفلسطينية من تنفيذ سياساتها البيئية.
يقصد بالتغير المناخي – على حسب تعريف الأمم المتحدة - التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس. قد تكون هذه التحولات طبيعية فتحدث، على سبيل المثال، من خلال التغيرات في الدورة الشمسية. ولكن، منذ القرن التاسع عشر أي بعد الثورة الصناعية، أصبحت الأنشطة البشرية المسبب الرئيسي لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز. لذلك فإن انبعاثات الغازات الدفيئة (ثاني أكسيد الكربون (CO2) وغاز الميثان (CH4) وأكسيد النيتروز (N2O)) مرتبطة بشكل أساسي بحجم السكان والنشاط الاقتصادي ونمط الحياة واستخدام الطاقة وأنماط استخدام الأراضي والتكنولوجيا وسياسة المناخ. على الرغم من تجاوزت نسبة الزيادة السكانية في الأراضي الفلسطينية 85% و110% في قطاع غزة على وجه الخصوص ما بين عامين 1997 و2021 (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني PCBS) فإن مساهمة المواطن الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية تعتبر محدودة جدا مقارنة بالدول الأخرى. جدول 1 يوضح نصيب الفرد من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون في فلسطين وبعض الدول مختارة.
جدول 1: نصيب الفرد من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون في فلسطين ودول مختارة
- لا يتوفر بيانات على الموقع
* البيانات لا تشمل ذلك الجزء من محافظة القدس والذي ضمه الاحتلال الإسرائيلي إليه عنوة بعيد احتلاله للضفة الغربية عام 1967.
المصدر: قاعدة بيانات انبعاثات ثاني اكسيد الكربون
https://www.worldometers.info/co2-emissions
التوقعات المناخية المستقبلية لدولة فلسطين بناءً على سناريوهات الانبعاثات المقترحة من قبل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ APCC AR5.
بحسب تقرير البلاغ الوطني الأول المقدم إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ المُعد من قبل سلطة جودة البيئة الفلسطينية والصادر في 2016 فقد تم تطوير ثلاث سيناريوهات مناخية لدولة فلسطين لتكون ممثلة لجميع التوقعات التي نظر فيها تقرير التقييم الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC AR5).
السيناريو الأول: السيناريو الأكثر تفاؤلاً، يكون راجح الحدوث عندما يتم التحكم في الانبعاثات وفقًا لهدف الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ المتمثل في أن زيادة متوسط درجة الحرارة العالمية يجب ألا تتجاوز درجتين مئويتين. وفق هذا المسار فإن درجة حرارة فلسطين تزيد بمقدار حوالي 1.0 درجة مئوية بحلول عام 2025، وبمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2055، وبمقدار حوالي 2.0 درجة مئوية بحلول عام 2090. وسوف تقل فترات البرد والفترات أكثر دفئا تصبح أكثر تكرارا وهذا النمط يصبح أكثر وضوحا مع الوقت. لا يتغير هطول الأمطار او يزيد بشكل طفيف حتى عام 2035. يوجد أيضا احتمال طفيف لحدوث المزيد من الفيضانات واحتمال طفيف لزيادة فترات الجفاف ولكن، بشكل عام، تغيير محدود في خصائص هطول الأمطار العامة.
السيناريو الثاني: السيناريو متوسط المدى، على الأرجح يجب أن تستمر الانبعاثات في الزيادة وفقًا للمعدلات الحديثة مع بعض الانخفاضات عن المستويات التاريخية ولكن مع خرق هدف عدم تجاوز زيادة المتوسط العالمي لدرجة الحرارة ل 2 درجة مئوية. وفق هذا المسار فإن درجة حرارة الأراضي الفلسطينية ومحيطها سوف تزيد بمقدار حوالي 1 درجة مئوية بحلول عام 2025، بمقدار 2.0 درجة مئوية بحلول عام 2055، وبمقدار حوالي 3.0 درجة مئوية بحلول عام 2090. وسوف تقل فترات البرد والفترات أكثر دفئا تصبح أكثر تكرارا وهذا النمط يصبح أكثر وضوحا منه من السيناريو الأول. تنخفض كميات هطول الأمطار بنسبة تقريبيا 10٪ بحلول عام 2025، وبنسبة 15٪ بحلول عام 2055، وبنسبة 30٪ بحلول عام 2090. يوجد أيضا احتمال ضئيل جدا لزيادة مخاطر الفيضانات. احتمالية عالية لتكرار حالات الجفاف.
السيناريو الثالث: السيناريو الأكثر تشاؤما، يفترض ان الانبعاثات لا تزال مستمرة وفق المعدلات السابقة وبدون أي اجراءات للحد منها. وفق هذا المسار فإن درجة حرارة الأراضي الفلسطينية ومحيطها سوف تزيد بمقدار حوالي .51 درجة مئوية بحلول عام 2025، بمقدار 2.5 درجة مئوية بحلول عام 2055، وبمقدار حوالي 4.5 درجة مئوية بحلول عام 2090. وسوف تقل فترات البرد والفترات أكثر دفئا تصبح أكثر تكرارا وهذا النمط يصبح أكثر مع الوقت، ولكن ربما تكون معتدلة في قطاع غزة. تنخفض كميات هطول الأمطار بنسبة تقريبيا 20٪ بحلول عام 2055، وبنسبة 20٪ بحلول عام 2090. بشكل عام يوجد نمط من الانخفاضات في متوسط هطول الأمطار اليومي وفي المساهمة في إجمالي هطول الأمطار حسب أيام هطول الأمطار الغزيرة، متوقع فترات جفاف طويلة وتقليص في فترات الرطبة. ومن ثمة يوجد زيادة في مخاطر الجفاف في جميع الأراضي الفلسطينية. ومع ذلك، هناك مؤشر على أن الأيام النادرة للمطر قد تصبح أكثر تكرارا.
حصر الغازات الدفيئة لدولة فلسطين
لا يوجد في فلسطين مصادر طاقة تجارية محلية متطورة لذلك فإن الحياة اليومية والأنشطة التجارية في الأراضي الفلسطينية تعمد بشكل كامل تقريبا على المنتجات النفطية والكهرباء المستوردة من دول الجوار أو الأراضي المحتلة (اسرائيل) حيث يتم شراء أغلب الاحتياجات الوطنية اللازمة في الضفة الغربية بما فيها القدس من الكهرباء من دولة الاحتلال (إسرائيل) مما يعني حدوث عملية الاحتراق وانبعاث الغازات الدفيئة داخل الأراضي المحتلة، أما بالنسبة إلى قطاع غزة فالقطاع يُنتج 20% من احتياجاته من الكهرباء عن طريق محطة التوليد المركزية (GPP)، وما يقارب 1.5% عن طريق مولدات الكهرباء التجارية (تم حساب هذه النسبة بناء على مدة 8 ساعات تشغيل، لا يوجد إحصاءات حول استخدام المولدات الخاصة). قامت سلطة جودة البيئة بناءً على المتطلبات المترتبة على توقيع اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية لتغير المناخ في عام 2016 بحصر كميات انبعاث الغازات الدفيئة الناتجة عن النشاط البشري في الأراضي الفلسطينية، وقد تمت عملية حصر كميات الغازات الدفيئة المنبعثة باستخدام البرمجيات الخاصة بالهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC 2006).
قدر مجمل الانبعاثات في فلسطين في العام 2018 حوالي 4527.7 جيجا غرام مكافئ ثاني اكسيد الكربون بزيادة 65.25% عما تم تسجيله للعام 2006 (جدول 2). يقدر انتاج الفرد السنوي من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون في فلسطين ب 0.93 طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون (tCO2 eq.) (انظر جدول 1). وبذلك يمكن تخمين الانبعاثات في قطاع عزة في العام 2018 بحوالي 1959.26 جيجا غرام مكافئ ثاني اكسيد الكربون. حيث ان قطاع الطاقة (قطاع النقل، الاستعمال المنزلي، والصناعات الطاقة) يحتل ما نسبته 67.9% يليه قطاع النفايات (تصريف ومعالجة مياه الصرف الصناعي والمنزلي، التخلص من النفايات الصلبة وحرق النفايات) بما نسبته 20.5% ويساهم قطاع الزراعة بالنسبة الأقل من الانبعاثات بما نسبه 11.6%.
جدول 2: مجموع كميات المنبعثات الوطنية في فلسطين* حسب السنة (ألف طن مكافئ CO2، 2006-2018)
* البيانات لا تشمل ذلك الجزء من محافظة القدس والذي ضمه الاحتلال الإسرائيلي إليه عنوة بعيد احتلاله للضفة الغربية عام 1967.
مصدر البيانات: الجـهـاز الـمـركـزي للإحصاء الـفلسطيني
حدد التقرير الوطني الأول حول تغير المناخ المقدم الى اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية المقدم في 2016 قطاعات الزراعة، الساحل والحياة البحرية، الطاقة، الغذاء، النوع الاجتماعي، الصحة، الصناعة، النظم الايكولوجية، الحضر والبنية التحتية، النفايات ومياه الصرف الصحي والمياه كالقطاعات الأكثر تأثرا بالتغير المناخي. ولكن أكد ان المياه والأمن الغذائي أكثر القطاعات تأثرا في دولة فلسطين ولهما تأثير ينعكس سلبا على باقي القطاعات الأخرى. جدول 3 يوضح طبيعة النشاطات عالية التأثر الخاصة بقطاع غزة.
جدول 3: القطاعات الأكثر تأثرا بالتغير المناخي
بالنسبة لقطاعي الزراعة والمياه، نتيجة لتغير المناخ سيواجه المزارعون الفلسطينيون تحديات بسبب انخفاض توافر المياه المتوقع وبناء عليه ستتأثر سبل المعيشة الزراعية مما سيأثر بالسلب على الأمن الغذائي الفلسطيني، لا سيما في المجتمعات الريفية البعلية حيث تتأثر بشكل مباشر دائمًا بمعدلات هطول الأمطار والجفاف. وفقا لدراسة أعدتها مصلحة مياه بلديات الساحل فإن متوسط الزيادة السنوية في درجة الحرارة بمقدار 1 درجة مئوية سيؤدي إلى زيادة الاحتياجات المائية للمحاصيل في قطاع غزة بنسبة 6-11٪.
في النهاية يجب التأكيد أن الحصار الإسرائيلي والقيود على الحركة والوصول إلى الأراضي والموارد والأسواق يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج الزراعي (بما في ذلك إمدادات المياه) إلى جانب انخفاض الأرباح مما يحد من قدرة المجتمع الفلسطيني على مواجهة وتخفيف أثار التغير المناخي. ومن المهم ذكره أن الفريق الفلسطيني يحتاج إلى خطة بناء قدرات وإلى دعم تقني ومالي للقيام بالعمل للتأكد من ان جرد الغازات هو كامل ودقيق، ويضع الأسس لعمليات ونظم الجرد اللازمة.